الجزيرة

2009/12/11

بطانيه لكل مواطن

هل تبحث عن صدقة جارية ذكية، وأنا لا أعني بذكية أنها صدقة ديجيتال تجعلك تبدو أمام نفسك في أزهي هاي رزليوشن، ولكنني أقصد بذكية أنها قليلة التكلفة لكنها عظيمة الثواب..والله أعلم.







في ليالي الشتاء القارس القادمة كلمني عن صدقة أعظم من بطانية تقدمها لشخص قد يحتاجها، أراك صديقي القارئ قد بدأت تفكر فيمن حولك بحثا عمّن يستحق، صدقني القائمة أكبر مما تتخيل، لا تغرك البيوت المغلقة علي أصحابها تحسبهم (متدفيين) من التعفف، ربما ليست لديك فكرة عن خمسة أشقاء يشتركون في بطانية واحدة يتجاذبونها طوال الليل والمحظوظ منهم هو الذي يستطيع أن يشعر بالدفء لنصف ساعة كاملة، ربما ليست لديك فكرة عن الأمهات اللاتي تلتمسن الدفء في التدثر بسجادة الصلاة، ربما لم تر من قبل بيوتاً تختبئ من البرد في كليم نوبي خشن ثقيل ورخيص، ربما لم تسمع عن عائلة تتدفأ بأن تحكم إغلاق منافذ سيوف الهواء بورق الصحف والكراتين، ربما لم تمر بأسرة أشعلت النار في خليط من الحطب والصحف القديمة أمام باب منزلها وجلست تحصل علي شحنة من الدفء قبل أن تدخل لتنام بالداخل في عراء قارس، ربما لم تعايش عائلة يبحثون عن الدفء بالنوم متجاورين ملتصقين ببعضهم البعض يخبئ هذا رأسه في صدر الآخر ويخبئ هذا قدميه أسفل قدمي شقيقه.






إنها شهور صعبة قادمة من حق كثيرين أن نقف خلالها، إلي جوارهم ببطانية، ستتصدق بمال قد يحيرهم فالالتزامات كثيرة وقد يفضلون تحمل البرد علي تحمل جوع الأطفال مثلا، ستتصدق بطعام ولكن هل يحلو الطعام دون أن تسرق بعده ساعة نوم تحت البطانية؟ قد تتصدق بتكلفة العلاج لكن صدقني الوقاية خير منه.






هناك شخص مع كل (تقليبة) له في الفراش سيدعو لك، في كل مرة يسحب طرفي البطانية ويشبكهما أسفل ظهره ليحكم التفافه بها سيدعو لك، في كل مرة يعود فيها إلي المنزل هرباً من برد الشارع القارس فيخلع حذاءه ويلتف بالبطانية ويستعيد توازنه كإنسان سيدعو لك، في كل مرة تجلس الجدة تحت البطانية وتجمع حولها أحفادها تقص عليهم حواديت حتي يناموا باستغراق، في كل مرة يشتاق فيها زوج لملاقاة زوجته بحميمية دون أن يحول البرد بينهما وبين هذه السعادة المسروقة؛ لأنه لا يخشي أن يصاب بالتهاب رئوي سيدعو لك، في كل مرة تنام الأم فيها مطمئنة؛ لأن طفلها (متغطي كويس) ستدعو لك.






البطانية رخيصة لكن معناها عميق وأثرها لا يمكن وصفه في كلمات فأنت تعرفه جيداً، كل ما عليك أن تسحب واحدة لتغطي بها عائلة، من المؤكد أنك مثلي شخص كثير السيئات (هذه شيمة المفرطين في الدفء أصحاب أكثر من بطانية ولحاف علي فراشهم )، لذلك فأنت تمتلك فرصة ذهبية للتخلص من ماضيك القذر، أقول - والله أعلم - إن كل عمل مشين قد صدر عنك في حياتك سيختفي مع كل مرة يصحو فيها طفل ويغادر موقعه تحت البطانية وقد احمرت خدوده.